رغم اكتشاف القاتل.. فإن الشكوك مازالت قائمة والاسئلة مازالت تتوالى.. زاد منها تدخل أطراف في القضية طرحت تصورات زادت من غموضها، على بعد نحو 20 كيلو مترا غرب القاهرة كان يجلس محمود سيد عبدالحفيظ العيسوي (19 سنة) في زنزانة قسم الشيخ زايد قبيل دقائق من ترحيله الى سجن الاستئناف محبوسا على ذمة اتهامه بالقتل. ترتسم على ملامح وجهه علامات الدهشة مصحوبة بابتسامة باهتة تسعى للايحاء بالثقة.. لكنها ثقة الجاهل بعواقب الأمور، الذي لا يدري ما تخبئه له الأيام المقبلة، وفجر العديد من المفاجآت خلال حواره مع "القبس".
حضر إلينا محمود في غرفة رئيس المباحث، وكان شارد الذهن، سألناه عن ظروف الواقعة فقال:
أنا مش فاكر حاجة، كل إللي أعرفه أنني أمر بظروف مادية صعبة، وأنا أعيش وسط أسرة مكونة من ثلاثة أشقاء ووالدي ووالدتي.. ترتيبي الثاني بين أشقائي ووالدي رجل بسيط على قد حاله، هاجمته الأمراض منذ سنوات قليلة وأجرى جراحة في العمود الفقري إضافة الى اصابته بالقلب والسكر، مما دفعني أنا وشقيقي الأكبر الى الطلب من والدي بأن يجلس في البيت، ونعمل نحن. وكنا نسلمه حصيلة الأسبوع، أعطيها كلها لوالدي، لأنني أحبه بجنون".
وعلاقتي طيبة بأسرتي وبكل جيراني.
هل سبق لك دخول قسم الشرطة؟
مرة واحدة فقط، عندما كنت أسير في الشارع منذ فترة طويلة، وجاءت دورية شرطة وأوقفني الضابط وطلب مني تحقيق الشخصية، وعندما رددت عليه أنني لم أستخرج بطاقة لأنني صغير، أعتبرها إهانة واصطحبني إلى قسم روض الفرج ولفق لي قضية مخدرات.
لكنك أكدت في اعترافاتك أمام رجال الشرطة أنك ارتكبت جريمتك تحت تأثير المخدرات؟
أنا لا أدخن سوى السجائر ولم يسبق لي أن تعاطيت أي نوع من الكيف.. لا مخدرات ولا خمور.
هل تعلمت أو دخلت مدارس؟
بعد حصولي على الإعدادية تركت المدرسة بسبب ظروف والدي المادية الصعبة، وهكذا فعل شقيقي الأكبر علي. أما أصغر اشقائي فهو في المدرسة، ووصيتي لوالدي أن يجعله يستمر في الدراسة حتى يحصل على مؤهل دراسي.
ما علاقتك بمدينة الشيخ زايد، وبالتحديد حي الندى الذي شهد الجريمة؟
لا أعرف شيئا عن هذه المدينة، ولم يسبق لي العمل فيها. أنا كنت أعمل حدادا في منطقة السيدة زينب، وكان صاحب الورشة يقوم بعمل حديد مزخرف ونذهب به إلى مدينة أكتوبر.
إذاً ما الذي دفعك الى الذهاب الى مكان لا تعرفه لسرقته؟
أنا في منطقة روض الفرج بشبرا ــ شمال القاهرة ــ ويوم الحادث كنت أمر بظروف مادية صعبة وكان حال والدي يؤلمني لأنه مفلس وكنا داخلين على عيد وأنا لا أعمل، خرجت من البيت ووجدت نفسي أسير على طريق المحور، وأشرت لسيارة ميكروباص وركبت مع السائق الذي أخبرني أنه ذاهب لمدينة الشيخ زايد. وعندما سألته عن الأجرة قال جنيهان ونصف الجنيه، وعندما أعطيته ما طلبه قال الاجرة من المحور جنيه فقط، ورد لي الباقي. ونزلت داخل المدينة وظللت أتجول بها حتى وجدت نفسي في حي الندى.
وكيف دخلت الى الحي رغم حراسة الأمن عليه؟
أنا مش فاكر حاجة.
كم ساعة قضيتها داخل الحي قبل تنفيذ الجريمة وكم ساعة قضيتها أسفل الشباك؟
بمجرد دخولي الحيّ قفزت الى الشقة ولم أنتظر طويلا حيث اختبأت داخل الستارة، وكان ذلك لعدة ثوان فقط ولم أكن أنوي القتل.
ولماذا اشتريت السكين.. وأنت تنوي السرقة فقط؟
لم أشتر السكين.. بل عثرت عليها وأنا ماشي في الطريق.
وأين عثرت عليها؟
لا أتذكر.
عندما دخلت للشقة أيهما كان الأسبق ــ القتل أم السرقة؟
دخلت الشقة للسرقة فقط، لكن رد فعل الفتاتين هو الذي دفعني لقتلهما، فالقتيلة الاولى هبة كانت نائمة بالصالة اثناء دخولي الشقة وتسللت للمطبخ ووجدت 400 جنيه، وحمدت الله على هذا المبلغ وقررت ان اغادر الشقة فورا، لكن هبة استيقظت وحاولت الامساك بي واخذت تصرخ فطعنتها، واستيقظت صديقتها وحاولت غلق الباب عليها، لكن حاولت فتحه بالقوة، وفجأة وجدت نفسي جالسا عليها واطعنها من دون شعور، وغادرت الشقة هاربا بعد ان استوليت على تلفون نادين.
ما حكايتك مع سائق الميكروباص؟
لو قدر لي وشاهدت هذا السائق مرة اخرى لقتلته، لأن روايته كاذبة، فهو اوصلني الى ميدان رمسيس وانا استقليت تاكسي لروض الفرج، ولم اطلب منه توصيلي واعطاءه 50 جنيها كما ادعى.
هل حكيت لأحد عن جريمتك؟
لم افتح فمي بكلمة واحدة وانطويت داخل شقتي بروض الفرج أدخن السجائر، ولا اريد الحديث مع احد، وطيلة 3 أيام لم يعرف النوم طريقه إليّ وكانت حالتي المزاجية عصبية، وأسرتي عللت ذلك بأنني كنت لا اعمل.
وكيف تصرفت بالمبلغ الذي سرقته؟
المبلغ سقط مني وفقدته لأنني كنت خائفا، واعطيت التلفون لصديقي لأنني سبق ان اخذت منه موبايل وفقد مني.
من زارك منذ القبض عليك؟
طلبت من اسرتي عدم زيارتي حتى لا ارهقهم ماليا ونفسيا، حتى اصدقائي طلبت منهم عدم زيارتي.
كيف تقضي وقتك داخل الزنزانة الانفرادية؟
أصوم، فأنا اليوم صائم علشان العشر من ذي الحجة.
أنت متدين؟
لا، ولكن وجدت نفسي ارغب في الصيام، وكذلك الصلاة لأنني لم اكن مواظبا عليها.
من يحضر لك الطعام؟
ضباط المباحث، فهم يعاملونني بكرم وسخاء.
هل تعرف عقوبة جريمتك؟
نعم، الإعدام او المؤبد.
ماذا تريد الآن؟
أن اخرج من السجن، رغم ان هذا حلم بعيد، لكنني اشتقت الي الشارع واصدقائي، وعلى العموم في السجن سوف أكون صداقات بعد ان يتم ترحيلي.
أنت طامع في البراءة؟
ده حلم، وانا حاسس انني في حلم ومش عارف ايه اللي بيحصلي.
تركنا محمود ليستقل سيارة الترحيلات في السجن لقضاء فترة الحبس احتياطيا قبل تحديد موعد لبدء محاكمته، في الوقت الذي كان والد القتيلة نادين على مقربة منا في طريقه الى الشقة لتسلمها، انتهى الحوار مع محمود، لكن لم تتوقف الاسئلة خصوصا بعد ما فجرته المطربة ليلى غفران من ان هذا الشاب ليس قاتل ابنتها وصديقتها، وان اشخاصا آخرين ربما يكونون وراء هذا الحادث.
